بسم الله الرحمن الرحيم
شرح وتحليل قصيدة رثاء البصرة
ابن الرومي: أبو الحسن علي بن العباس بن جريج، المعروف بابن الرومي، ولد ببغداد سنة 221هـ ونشأ بها، حيث تلقى دروسه على يدي محمد بن حبيب. نظم الشعر في فترة مبكرة من حياته. كان حاد المزاج متطيراً واسع الثقافة وكان أشعر أهل زمانه بعد البحتري وأكثرهم شعراً وأحسنهم أوصافاً وأبلغهم هجاء وأوسعهم افتناناً في سائر أجناس الشعر وضروب قوافيه، يركب منه ما يصعب على غيره، ويلزم نفسه ما لا يلزمه. وشفف بالتوليد في معانيه فطالت قصائده وجاءت ـ لتأثره بالمنطق ـ مترابطة ذات وحدة موضوعية، وإن مالت إلى النثرية لولا براعته في التصوير واعتماده على التشخيص والحركة والتلوين وعنايته بموسيقاه وقوافيه التي جاء ببعضها من حروف مهجورة، فمهد للمعري في لزومياته. وقد برع في الهجاء، وعمد فيه إلى التصوير الساخر.
مناسبة القصيدة: تأثر ابن الرومي كثيراً لما أصاب مدينة البصرة من خراب،على يد الزنج سنة275هـ وصوّر ما فعلوه بالناس من تعذيب وإذلال، وما ألحقوه بالبصرة من تخريب بعد أن كانت منارة للعلم والأدب، في قصيدة طويلة هي من أجمل ما قيل في رثاء البلدان، لأن ابن الرومي رثاها من خلال إحساسه بالفاجعة التي أصابتها وأصابت أهلها، ومن خلال خوفه من الشر والموت والدمار، وقد صور في هذه القصيدة خراب المدينة وتشرد أهلها، وما لحقهم من شر، وتأسّى على تلك المدينة العظيمة.
الفكرة الأولى : التحسر والبكاء على ما حلّ بمدينة الصرة
1- ذاد عن مقلتي لذيذ المنام شغلُها عنه بالدموع السِّجام
يعبر الشاعر عمّا أصابه من حزن وأسى لسقوط مدينة البصرة، فهو دائم السهر منعه البكاء المتواصل عن النوم.
2- أيُّ نومٍ من بعد ما حلَّ بالبصـــ رة ما حلَّ من هناتٍ عظام؟
لا يستطيع الشاعر النوم لأنه دائم التفكير بما حلّ بالبصرة من دمار ومصائب طردت النوم وأرقت التفكير .
3-أيُّ نومٍ من بعد ما انتهك الزنــ جُ جِهاراً محارمَ الإسلام ؟
يتساءل الشاعر متحسرا عن النوم بعدما انتهك الزنج محارم الإسلام جهارا بوضح النهار ويحاول استنهاض همم
المسلمين لاسترجاع مدينة البصرة من أيدي الغاصبين.
4- دخلوها كأنهم قطَعُ الليــ لِ إذا راحَ مُدْلهمَّ الظلامِ
الصورة الفنية: صور لون الزنوج الأسود بصورة الليل شديد السواد .
يصف دخول الزنج لمدينة البصرة بعد انقضاء الليل الحقيقي شديد الظلام بقطع من الليل، أنعكس هذا اللون على
مدينة البصرة فأصبحت تعيش بظلام دامس.
الفكرة الثانية: تصوير جرائم الزنج
5- كم رضيعٍ هناك قد فطموه بِشَا السيف قبلَ حينِ الفطامِ
الصورة الفنية: صور حد السيف بصورة المرآة التي تفطم طفلها فحذف المشبه به وهو "المرآة" وذكر شيء من لوازمه وهو" الفطام" على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة لفظية.
ينتقل إلى الحديث عما أصاب الناس على أيدي الزنج من قتل وتشريد، فقد باغت الزنج أهل البصرة وهم نيام، وأعملوا فيهم السيف، ولم ولم يراعوا كبيراً ولا صغيراً، فالكثير من الأطفال الرضع قتلوا وابتعدوا عن أمهاتهم.
6- كم فتاةٍ مصونةٍ قد سَبَوْها بارز وجهُها بغير لثامِ
بالغ الزنج في إلحاق الأذى بالناس؛ فاغتصبوا الكثير من العذارى علانية، وفضحوا النساء المصونات المحجبات، فأصبحت وجوههن مكشوفات بدون لثام.
7- ووجوه قد رمّلتها دماء بأبي تلكم الوجوه الدوامي
الكثير من الوجوه العفيفة الكريمة العزيزة قتلت واختلط دمها بالتراب المرمل وزادت تشويها، مثل تلك الوجوه الكريمة يُضحى من اجلها وتفتدى بالغالي والنفيس .
8-وُطِئت بالهوان والذل قسراً بعد طولِ التَّبجيلِ والإعظام
الصورة الفنية: صور الذل والهوان بصورة النعل الذي يطأ الأرض فحذف المشبه به " النعل" وذكر
شيء من لوازمه "وطئت" على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة لفظية.
بعد سقوط مدينة البصرة غصبا وتدنيس الزنج لأرضها أصابها الذل والهوان بعد أن كانت جليلة عظيمة الشأن.
الفكرة الثالثة: الحديث عن صور الحضارة المشرقة للبصرة قبل دخول الزنوج إليها.
9- عَرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزّهـ راءِ تعريجَ مُدنَفٍ ذي سقامِ
يخاطب الشاعر صديقاه طالبا منهما أن يمرا ببطء كالرجل المريض بالبصرة الجميلة الزاهية .
10-فسألاها،ولا جواب لديها لسؤالٍ ومن لها بالكلام؟
فسألاها: مجاز مرسل علاقته المحلية،ذكر المحل وأراد الساكنين.
يطلب الشاعر من صاحبيه أن يسألا مدينة البصرة عن أحوالها،لكنه مدرك بأنها لم تستجبْ،ولا يوجد بها من يتكلم لان الزنج قتلوا
جميع ساكنيها.
11- أين ضوضاء ذلك الخلق فيها أينَ أسواقُها ذواتُ الزِّحامِ
كناية عن الحركة والازدهار التجاري بمدينة البصرة قبل سقوطها.
يصف الشاعر حال البصرة قبل نكبتها فأسواقها عامرة مزدحمة تعج بالناس ، ويصف أحوالها بعد النكبة حيث غابت الضوضاء عن أسواقها وانعدمت حركة المارة في أسواقها بعد سقوطها بيد الزنج.
12- أين فلكٌ منها وفلكٌ إليها منشآت في البحر كالأعلام
الصورة الفنية:صور السفن بصورة الجبال الشامخة الطويلة.
يتساءل الشاعر عن حركة السفن الدائبة منها واليها قبل سقوطها التي كانت مشرعة الأعلام كالجبال الشامخة في وسط البحر
لعلوها وضخامتها، لكن تلك الحركة توقفت ولم يعد لها اثر بعد سقوطها بيد الزنج.
13- بل ألمّا بساحةِ المسجدِ الجا مع إن كنتما ذَوَيْ إلمامِ
يطلب الشاعر من صاحبيه أن يبحثا عن المسجد الجامع أعظم مساجد البصرة لأنه كان منارة للعلم والعبادة ومنه تستطيعا أن
تتعرفا على مجد تلك المدينة ،أراد الشاعر من ذكر الجامع إثارة همة المسلمين من اجل حثهم على تحرير مدينة البصرة.
14- أين فِتيانهُ الحسانُ وجوهاً أين أشياخُهُ ذوو الأحلامِ؟
يتساءل الشاعر متحسرا عن حلقات العلم التي كانت تعقد بمساجد البصرة، و يحضرها الفتيان حسان الوجوه ويعقدها الشيوخ
الراجحة عقولهم علما ودينا.
15- واحيائي منهمْ إذا ما التقينا وهُمُ عندَ حاكم الحكّامِ
يعبر الشاعر عن ألمه واستحيائه من أولئك العلماء الذين قتلوا دون أن يُمد لهم العون من الأمة الإسلامية وخاصة إذا التقاهم
يوم القيامة عند ربِّ العباد.
الفكرة الرابعة: الدعوة للثأر لمدينة البصرة
16- انفروا أيها الكرامُ خِفافاً وثقالاً إلى العبيدِ الطَّغامِ
كناية عن الاستعداد والتسلح لرد العدوان.
يحث الشاعر الناس إلى الخروج خفافا وثقلا لقتال أوغاد الناس من الأعداء.
17- إنْ قعدتمْ عنِ العينِ فأنتمْ شركاءُ العينِ في الآثامِ
إذا سكتم عن العدو العين ولم تسارعوا لنجدة مدينة البصرة وتحريرها فأنتم شركاء هذا العين في ظلمه، أراد الشاعر أن يقول
لنا " الساكت عن الحق شيطان اخرس".
18- لا تُطيلوا المقامَ عن جنةِ الخلـ دِ فأنتمْ في غيرِ دارِ مُقامِ
يحث الشاعر على الجهاد ويقول إن من لا يجاهد يبقى بعيدا عن جنة الخلد التي أعدت للمؤمنين الذين ينصرون الله ودينة
وهي دار مقام ونعيم أفضل من هذه الدنيا الزائلة .
.................................................. .................................................. ..............................
**حل أسئلة قصيدة رثاء البصرة ص48/49
س1أسمي الغرض الذي تندرج تحته هذه القصيدة.
الغرض الذي تندرج تحته هذه القصيدة رثاء المدن.
س2 أسمي سببين لأرق الشاعر وانشغاله بالبكاء.
1- ما حلّ بالبصرة من دمار وفساد.
2- جرائم الزنج بمدينة البصرة كقتل الأطفال والشيوخ وسبي النساء.
س3 أذكر مثالين لما قام به الزنج من فظائع في البصرة.
1- قتل الأطفال الرضع.
2- سبي النساء .
س4 أصف البصرة قبل دخول الزنج لها.
كانت مدينة عامر الأسواق، تعج بحركة الناس في أسواقها ، مدينة تجارية اشتهرت بحركة السفن الدائبة منها
واليها، المساجد كانت شامخة بعلمائها مليئة بحلقات العلم .
س5 أضع دائرة حول رمز العبارة الصحيحة :
أ- يدل الأمر في قوله على:
عَرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزّهـ راءِ تعريجَ مُدنَفٍ ذي سقامِ
فسألاها،ولا جواب لديها لسؤالٍ ومن لها بالكلام؟
1- الالتماس.
ب- استعمل الشاعر لفظ"كم" في البيتين ليدلل على :
رضيعٍ هناك قد فطموه بِشَا السيف قبلَ حينِ الفطامِ
كم فتاةٍ مصونةٍ قد سَبَوْها بارزاً وجهُها بغير لثامِ
2- كثرة العدد.
ج- كنّى الشاعر بعبارة" أينَ أسواقُها ذواتُ الزِّحامِ" عن:
1- ازدهار التجارة في أسواق البصرة.
د- عاطفة الشاعر في النص: 2- إنسانية صادقة.
س6 أضع دائرة حول رمز العبارة التي تتوافر فيها الخصائص الأسلوبية للنص:
أ- واقعية الوصف والتصوير وصدقه. ب- قلة الصور وجزئيتها.
ج- تعدد الأغراض الشعرية. د- غرابة الألفاظ.
هـ- استعمال الأساليب الإنشائية بغزارة. و- استقصاء المعاني وملاحقتها اللإحاطة بها.
ز- سيادة الموسيقا الهادئة في جميع أبيات القصيدة.
س7 يقول احمد شوقي في قصيدة رثاء الأندلس وخروج العرب منها:
اختلاف النهار والليل ينسي أذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وسلا مصر, هل سلا القلب عنها أو أسا جرحه الزمان المؤسّي
ويقول ابن الرومي:
عَرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزّهـ راءِ تعريجَ مُدنَفٍ ذي سقامِ
فسألاها،ولا جواب لديها لسؤالٍ ومن لها بالكلام؟
أوازن بين النصين من حيث:
أ- العاطفة في نص شوقي :عاطفة الحزن والحنين للوطن .
العاطفة في نص ابن الرومي: عاطفة الحزن والتحسر على ما حلّ بالبصرة.
ب- استعمال المحسنات البديعة في أبيات شوقي: 1- الطباق الليل والنهار / نسي واذكرا / جرحه المؤسي
2- الجناس التام : سلا بمعنى اسألا وسلا بمعنى نسي
* استعمال المحسنات البديعية في أبيات ابن الرومي: الطباق بين فسألاها و لا جواب لديها.
ج- استعمال الصور الفنية في أبيات شوقي:
1- (وسلا مصر) استعارة مكنية ، فقد شبه مصر بإنسان وحذف المشبه به (مصر) وأتى بما يدل عليه (سلا) على سبيل الاستعارة
المكنية وفيها تشخيص ، ويوحي بمدى تعلق الشاعر بمصر .
سلا مصر: مجاز مرسل علاقته المحلية.
2- ) هل سلا القلب) استعارة مكنية ، حيث شخص القلب فجعله إنسانا ينسى، فحذف المشبه به (الإنسان) وذكر شيء من لوازمه
(سلا) على سبيل الاستعارة المكنية.
) - 3 أسا جرحها الزمان) استعارة مكنية ، حيث جعل الزمان طبيبا وحذف المشبه به (الطبيب) وأتى بما يدل عليه ) أسا )
على سبيل الاستعارة المكنية.
* استعمال الصور الفنية في أبيات ابن الرومي:
1- فسألاها: مجاز مرسل علاقته المحلية،ذكر المحل وأراد الساكنين.
2- صور مدينة البصرة وما أصابها من دمار وخراب بصورة الإنسان شديد المرض.
3- صور مدينة البصرة بصورة إنسان يسأل ولكنه لا يستطيع الجواب لكثرة ما به من مآسي وحزن.
د- حيوية الصور وقدرتها على الإثارة :
لقد عبر الشاعران عن عواطفهما بصورة دالة جميلة معبرة كان شوقي أفضل في ابتكارها فنجد ابن الرومي يصف حال البصرة بصورة إنسان يتعرض للسؤال ولكنه لا يستطع الرد لكثرة ما به من حزن ومرض أما شوقي فوصف جراح مصر النازفة بصورة إنسان مريض لا يستطيع الطبيب تقديم العلاج له وقدم شوقي هذه الصورة من اجل إثارة المشاعر والأحاسيس .
ونجد الصور عند كل من الشاعرين جزئية جاءت لتوضيح الفكرة وإبراز العاطفة.
س8 أعيّن البيت الذي يدل على كل فكرة مما يأتي:
أ- البصرة ميناء بحري: 12- أين فلكٌ منها وفلكٌ إليها منشآت في البحر كالأعلام
ب- نشاط الحركة التجارية في البصرة: 11- أين ضوضاء ذلك الخلق فيها أينَ أسواقُها ذواتُ الزِّحامِ
ج- البصرة مدينة مزدهرة العمران: 9- عَرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزّهـ راءِ تعريجَ مُدنَفٍ ذي سقامِ
د- إهانة الزنج للنساء في البصرة: - 6 كم فتاةٍ مصونةٍ قد سَبَوْها بارزاً وجهُها بغير لثامِ
هـ- إذلال البصرة بع إعزازها: 8-وُطِئت بالهوان والذل قسراً بعد طولِ التَّبجيلِ والإعظام
س9 أقرأ البيت الآتي ، واجب عن الأسئلة اللاحقة :
ذاد عن مقلتي لذيذ المنام شغلُها عنه بالدموع السِّجام
أ- استخرج من النص: صفة مشبهة:لذيذ *مصدرا: شغلُها *مصدرا ميميا: المنام
ب- أعرب ما تحته خط.
* لذيذ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على أخره.
* شغلُها: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على أخره وهو مضاف .
الهاء : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
ج- أزن كلمة مقلة . ُمقْلَة:فُعْلَة.
تدريب لغوي:
أقرأ البيتين الآتيين ، وأجب عن الأسئلة التي تليهما:
كم فتاةٍ مصونةٍ قد سَبَوْها بارز وجهُها بغير لثامِ
عَرِّجا صاحبيَّ بالبصرةِ الزّهـ راءِ تعريجَ مُدنَفٍ ذي سقامِ
1- استخرج من البيتين: * اسم فاعل: بارز * اسم مفعول: مصونةٍ *مصدرا: تعريجَ/ سقامِ.
2- استخرج من البيتين: * أسماً من الأسماء الخمسة: ذي * مفعولاً مطلقاً : تعريجَ.
3- ما إعراب كلمة (وجهها) في البيت الأول؟
وجهُها: فاعل لاسم الفاعل "بارز" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على أخرها وهو مضاف.
الهاء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه...