يتقدم العمر، ويجد الشاعر نفسه وقد خلّف وراءه نصف قرن من الأعوام، فتثور في صدره التساؤلات، ويغرق في بحر التأملات، ويسائل نفسه، ماذا وماذا، وكان من نتيجة هذه التساؤلات أن وُلدت هذه القصيدة.
خَمْسُون.. تلك قصيـدةٌ أسْميتُها
........................ حتـى أعـودَ بفيئها أيَّامـي
وأرى أخاديدَ الدهـورِ وقد بَدَتْ
.........................كلمى تقضّ مضاجعي ومنامي
وأرى بقايا من شبـابٍ راحـلٍ
.........................يذوي كمثل الزهرِ في الأكمامِ
خَمسون ما طعمُ الحياةِ وقد مضت
.........................خمسون من عمري من الأعوامِ
أتُـرَى تركتُ معالِمَـاً تَحيا هنـا
.........................للناسِ من فكري ومن إلْهامي
وأنا الذي غنيتُ رغـم كآبتـي
.........................وشدوتُ رغمَ تألُّـمِي وسَقامي
وعزفتُ للصحـراءِ أحلى نغمـةٍ
.........................أتُرى تظلّ على المـدى أنغامي
خَمسون هل عمر الشباب يعود لي
.........................ويعود لي ما ضاع من أحـلامي
ويعود ماء الوجـه غضـاً بعدمـا
.........................دَبّ المشيبُ وحطَّ بين خيامـي
وذوى الجمالُ بروضتـي وخَمائلي
.........................وحَنَى الزمانُ كنانتـي وسِهامي
خَمسون يا خَمسون يا عمر الفتى
.........................يا باقـةً من روضـة الأيـامِ
جفَّ القريضُ وكان نبعاً صافيـاً
.........................يُروي حقول صبابتـي وهيامي
الشعـر بين يديّ يلهـث كالذي
.........................ضيعتُـه في رحلتـي ومقامـي
خَمسون ها شعري يصور حالتـي
.........................والشعر والأوراق كُـلّ حطامي
* * *